اللؤلؤ: تاريخ طويل وتراث حي تختزنه الذاكرة الوطنية في قطر

في كل عام، وخلال معرض الدوحة للمجوهرات والساعات، تتجلى اللآلئ القطرية، والتي تُسمى الواحدة منها دانة، فتخطف الأبصار ضمن مجموعات وتشكيلات براقة يقدمها أبرع صائغي المجوهرات. لقد اقترن اسم قطر باللؤلؤ منذ القِدم وسوف يظل كذلك إلى الأبد، ويفاخر أبرز خبراء المجوهرات في قطر بتصاميمهم حين يدمجون فيها هذه الجوهرة النفيسة ويُخلدون من خلالها تراث قطر العريق وثقافتها التي طالما ارتبطت بصيد اللؤلؤ الذي كان ذات يوم الركيزة الرئيسية لاقتصاد البلاد.

الأهمية التاريخية للؤلؤ في مسيرة قطر

يعود تاريخ مهنة الغوص وتجارة اللؤلؤ في قطر إلى عام 4600 قبل الميلاد. ونظراً لأن قطر تتوسط ساحل الخليج العربي، فقد كانت مياهها الساحلية تزخر دائماً بالمحار، وخصوصاً محار اللآلئ الثمينة، وهي تتميز أيضاً بموقع مثالي للغوص بحثاً عن اللؤلؤ. لقد كان لهذه الجوهرة الثمينة أثرٌ كبير على ثقافة قطر وتاريخها واقتصادها وعلاقاتها مع بلدان ومناطق العالم الأخرى.

كان غواصو اللؤلؤ القدامى في قطر يبحرون عبر مياه الخليج العربي على متن قواربهم الشراعية ثم يغوصون في مياه البحر لجمع الرخويات والمحاريات. وكانت هذه المهمة الشاقة محفوفة بمخاطر كبيرة بسبب الأمواج الصعبة والطقس الحار والكائنات البحرية الخطيرة. وغالباً ما كان الغواصون يصابون بأمراض فطرية بسبب الأجواء الرطبة التي يؤدون خلالها مهامهم والتي كانت تتراوح ما بين 50 إلى 60 غطسة يومياً. وفي كل غطسة، يحبس الغواصون أنفاسهم باستخدام مشبك الأنف لدقيقتين في كل مرة، ينزلون خلالها إلى أعماق قد تصل إلى 18 متراً تحت سطح الماء. وبمجرد جمع المحار، يتم استخراج اللؤلؤ منه وحفظه في خزانة على القارب الشراعي، فيما يتم التخلص من الصدفة أو بيعها بعد تحويلها إلى “أم اللؤلؤ”. وبعد ذلك، يتم تحويل اللؤلؤ إلى مجوهرات أو استخدامه كعملة للتداول والتجارة. وخلال تلك الرحلة الشاقة، كان غواصو اللؤلؤ ينشدون الأغاني ويؤدون بعض الرقصات الشعبية التي يعبرون من خلالها عن حكايات صيد اللؤلؤ، وقد تناقلتها الأجيال حتى وصلت إلى جيلنا الحالي الذي ما زال يحافظ على تراث الأسلاف والأجداد بالرغم من التطور الهائل الذي شهدته قطر بعد انتهاء حقبة اللؤلؤ.

كان اللؤلؤ في أول الأمر يتم تداوله مع الهند وبلاد فارس وحواضر الإمبراطورية العثمانية. وقد شهد القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين طفرة كبيرة في تجارة اللؤلؤ، والتي يُشار إليها باعتبارها العصر الذهبي للؤلؤ. ووصل العديد من تجار اللؤلؤ إلى قطر قادمين من أنحاء العالم للحصول على هذه الجواهر الثمينة، مما أدى إلى ارتفاع الطلب عليه. وفي عام 1907، كان 48% من سكان قطر البالغ تعدادهم 27 ألف نسمة يعملون في صيد اللؤلؤ. وقد عزَّز ذلك من اقتصاد البلاد ومن سبل العيش أمام أهلها فتحولت قطر إلى مركز تجاري حيوي.

واليوم، وبينما تسعى قطر إلى تنويع مواردها الاقتصادية بعيداً عن النفط والغاز، يظل تاريخ الغوص بحثاً عن اللؤلؤ رمزاً حياً للصمود والارتباط الدائم بين الشعب القطري والبحر. وفي إطار التزامنا بالحفاظ على تراث اللؤلؤ وكل ما يمثله في تاريخ قطر، لن تقتصر رؤية هذه المجوهرات الجميلة على قطع المجوهرات في معرض الدوحة للمجوهرات والساعات فحسب، بل نراها أيضاً حاضرة في جميع أنحاء البلاد بما في ذلك “نُصب اللؤلؤة” الذي يعتبر أحد أهم معالم الدوحة على الكورنيش وجزيرة اللؤلؤة وسوق واقف وسوق الوكرة ومتحف قطر الوطني وغيرها من الأماكن.

وتُقام فعاليات معرض الدوحة للمجوهرات والساعات 2024 في نسخته الـ 20 خلال الفترة من 5 – 11 فبراير في مركز الدوحة للمعارض والمؤتمرات. للمزيد من المعلومات حول معرض الدوحة للمجوهرات والساعات 2024، يرجى زيارة الموقع الإلكتروني www.djwe.com. ولمتابعة كل جديد فيما يتعلق بالفعاليات التي تقام في قطر، يرجى زيارة الموقع الإلكتروني:  www.visitqatar.com.

لقراءة المقال باللغة الإنجليزية، اضغط هنا.

Scroll to Top