مع بداية شهر رمضان الكريم، نلامس مجددًا تجليات مراعاة القيم الإسلامية لمفاهيم الاستدامة في أبهى صورها، وذلك من خلال تنظيم إفطار جماعي خالٍ من المخلفات تسهر عليه مؤسسة قطر يوميًا في رحاب مبنى ذو المنارتين (جامع المدينة التعليمية)، بدعم من متطوعين من مختلف الأعمار والجنسيات، بما يتيح للصائمين من جميع أنحاء قطر التلاقي لكسر صيامهم في أجواء روحانية، مع الحرص في الوقت ذاته على الحفاظ على البيئة.
ويعكس حجم الوجبات المخصصة في إطار إفطار المدينة التعليمية أهداف هذه المبادرة الرامية إلى تقليل كمية الطعام المهدورة، بحيث أن كل فرد يتلقى عبوة واحدة لتقديم الطعام تكون متعددة الأقسام ومصنوعة من مواد صديقة للبيئة – بدلًا من عدة علب تحتوي على أطعمة مختلفة، وذلك بهدف تقليل النفايات البلاستيكية المستعملة في التغليف. كما يحصل كل شخص على ثمرة فاكهة كاملة، فيما يجري توزيع أغطية طاولات قابلة لإعادة الاستخدام، علاوة على تأمين موزعات المياه، عوض توزيع الزجاجات البلاستيكية، وحصول كل شخص على كوب ورقي يمكن إعادة تعبئته حسب الحاجة. كما أن ما يجعل من هذا الإفطار صديقًا للبيئة بامتياز هو أن المخلفات الغذائية يجري تحويلها إلى سماد عضوي يُستخدم في المساحات الخضراء داخل المدينة التعليمية.
ويذكر أنه تم إطلاق مبادرة إفطار المدينة التعليمية الخالي من المخلفات في مبنى ذو المنارتين خلال شهر رمضان الموافق لعام 2023، حيث تم تقديم 45,100 وجبة، بمتوسط 1,500 يوميًا، فيما وصل عدد الحضور إلى 2,000 شخص في الأيام الأخيرة من الشهر الفضيل. وقد أثبتت التجربة نجاحها وانتشار صيتها مرة أخرى هذا العام أيضًا.
في هذا السياق، قال واصف علي خان، مدير برامج بمركز ذو المنارتين بمؤسسة قطر: “يعكس هذا الإفطار الصديق للبيئة مواصلة التزامنا احترام أسس الاستدامة والمشاركة المجتمعية. فمن خلال حرصنا على إعادة تنظيم هذه المبادرة هذا العام، نؤكد مجددًا على سعينا الدؤوب للتقليل من حجم المخلفات، وتعزيز الروابط الاجتماعية، والاهتمام بالبيئة – وهي مبادئ تتسق مع أخلاقيات مؤسستنا وأهدافها في تعزيز الممارسات الصديقة للبيئة.”
وتابع خان: “نقوم أيضًا بتوسيع نطاق تعاوننا مع كيانات أخرى داخل المؤسسة لتحويل المخلفات الغذائية إلى سماد عضوي، مساهمين بذلك في دعم الاقتصاد والحفاظ على البيئة.”
وفي هذا العام، يقوم إفطار مؤسسة قطر بدمج مبادرات تثقيفية إضافية إلى جانب وجبة الإفطار، بهدف الارتقاء بمعارف الناس ذات الصلة بأهمية تقليل المخلفات الغذائية، وتشجيعهم على اعتماد عادات خالية من النفايات. فعند وصول الضيوف إلى الإفطار، يتلقون إحاطة – باللغة العربية والإنجليزية والهندية والمالايالامية والسواحيلية – حول كيفية فصل المخلفات الغذائية، وطرق الاستفادة منها وإعادة تدويرها.
من جانبه، أعرب عبد الرحمن الجميلي، مدير خدمات المحاسبة المالية في مؤسسة قطر، عن سعادته بتوفير فرص للتطوع في المدينة التعليمية تتيح المجال للتعاون بين موظفي المؤسسة من جهة، والفريق التطوعي في جامع المدينة التعليمية من جهة أخرى. وأشار الجميلي إلى أنه يشارك بمعية فريق الإدارة المالية في المؤسسة في هذه الفعالية كوحدة تطوعية، مؤكدًا على أن هذه الخطوة تسهم في تنمية روح العمل الجماعي لدى الفريق داخل وخارج بيئة العمل.
وأشاد الجميلي بمبادرة الإفطار في جامع المدينة التعليمية كونها تحفز على التطوع من خلال تيسير الوصول إليه دون الحاجة إلى منظمات تطوعية، مجددًا التأكيد على دور هذه المبادرة في التوعية وتسليط الضوء على تأثير الأفعال البسيطة للأفراد في الحفاظ على البيئة وتحقيق الاستدامة.
لقراءة المقال باللغة الإنجليزية، اضغط هنا.